فصل: تفسير الآيات (31- 32):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التسهيل لعلوم التنزيل



.تفسير الآيات (31- 32):

{أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (31) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32)}
{أَلَمْ يَرَوْاْ} الضمير لقريش أو للعباد على الاطلاق، والرؤية هنا بمعنى العلم {وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} قرئ لما بالتخفيف وهي لام التأكيد دخلت على {مَا} المزيدة وإن على هذا مخففة من الثقيلة، وقرئ بالتشديد وهي بمعنى إلا، وإن على هذا نافية.

.تفسير الآيات (35- 36):

{لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (35) سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (36)}
{وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} على ثمرة أي ليأكلوا من الثمر {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} بالحرث والزراعة والغراسة، وقيل {مَا} نافية وقرئ {مَا عَمِلَتْ} من غيرها وما على معطوفة {الأزواج} يعني أصناف المخلوقات ثم فسرها بقوله: {مِمَّا تُنبِتُ الأرض} وما بعده، فمن في المواضع الثلاثة للبيان {وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ} يعني أشياء لا يعلمها بنو آدم كقوله: {وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل: 8].

.تفسير الآية رقم (37):

{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37)}
{نَسْلَخُ مِنْهُ النهار} أن نجرده منه وهي استعارة.

.تفسير الآية رقم (38):

{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38)}
{والشمس تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا} أحد لحد موقت تنتهي إليه من فلكها، وهي نهاية جريها إلى أن ترجع في المنقلبين الشتاء والصيف، وقيل: مستقرها: وقوفها كل وقت زوال، بدليل وقوف الظل حينئذ، وقيل: مستقرها يوم القيامة حين تكوّر، وفي الحديث: «مستقرها تحت العرش تسجد فيه كل ليلة بعد غروبها» وهذا أصح الأقوال لوروده عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المروي في البخاري عن أبي ذر، وقرئ {لا مستقر لها} أي لا تستقر عن جريها.

.تفسير الآية رقم (39):

{وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39)}
{والقمر قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} قرأ نافعت بالرفع على الابتداء أو عطف على الليل، وآخرون بالنصب على إضمار فعل، ولابد في {قَدَّرْنَاهُ} من حذف تقديره: قدرنا سيره منازل، ومنازل القمر ثمانية وعشرون ينزل القمر كل ليلة واحدة منها أول الشهر، ثم يستتر في آخر الشهر ليلة أو ليلتين، وقال الزمخشري: وهذه المنازل هن مواضع النجوم؛ وهي السرطان، البطين، الثريا، الدبران، الهقعة الهنعة، الذراع، النثرة، الطرف، الجبهة، الزبرة الصرفة، العوى، السماك، الغفر، الزباني، الأكليل، القلب، الشولة، النعائم، البلدة، سعد بلع، سعد الذابح، سعد السعود، سعد الأخبية، فرغ الدلو المقدم، فرغ الدلو المؤخر، بطن الحوت {حتى عَادَ كالعرجون القديم} العرجون هو غصن النخلة شبه القمر به إذا انتهى في نقصانه، والتشبيه في ثلاثة أوصاف: وهي الرقة، والانحناء، والصفرة، ووصفه بالقديم لأنه حينئذ تكون له هذه الأوصاف.

.تفسير الآية رقم (40):

{لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)}
{لاَ الشمس يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القمر} المعنى لا يمكن الشمس أن تجتمع مع القمر بالليل فتمحو نوره، وهكذا قال بعضهم، ويحتمل أن يريد أن سير الشمس في الفلك بطيء، فإنها تقطع الفلك في سنة وسير القمر سريع، فإنه يقطع الفلك في شهر، والبطيء لا يدرك السريع {وَلاَ اليل سَابِقُ النهار} يعني أن كل واحد منهما جعل الله له وقتاً موقتاً، واحداً معلوماً لا يتعدّاه، فلا يأتي الليل حتى ينفصل النهار، كما لا يأتي النهار حتى ينفصل الليل، ويحتمل أن يريد أن آية الليل وهي القمر لا تسبق آية النهار وهي الشمس: أي لا تجتمع معه فيكون المعنى كالذي قيل في قوله: {لاَ الشمس يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القمر} فحصل من ذلك أن الشمس لا تجتمع مع القمر وأن القمر لا يجتمع مع الشمس {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} ذكر في [الأنبياء: 23].

.تفسير الآية رقم (41):

{وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41)}
{وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الفلك المشحون} معنى المشحون: المملوء، والفلك هنا يحتمل أن يريد به جنس السفن، أو سفينة نوح عليه السلام، وأما الذرية فقيل: إنه يعني الآباء الذين حملهم الله في سفينة نوح عليه السلام، وسمى الآباء ذرية لأنها تناسلت منهم، وأنكر ابن عطية ذلك، وقال: إنه يعني النساء، وهذا بعيد، والأظهر أنه أراد بالفُلك جنس السفن، فيعني جنس بن آدم، وإنما خص ذريتهم بالذكر لأنه أبلغ في الامتنان عليهم، ولأن فيه إشارة إلى حمل أعقابهم إلى يوم القيامة، وإن أراد بالفلك سفينة نوح فيعني بالذرية من كان في السفينة، وسماهم ذرية، لأنهم ذرية آدم ونوح، فالضمير في ذريتهم على هذا النوع بني آدم كأنه يقول الذرية منهم.

.تفسير الآيات (42- 44):

{وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43) إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44)}
{وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ} إن أراد بالفلك سفينة نوح فيعني بقوله: {مِّن مِّثْلِهِ} سائر السفن التي يركبها سائر الناس، وإن أراد بالفلك جنس السفن فيعني بقوله: {مِّن مِّثْلِهِ} الإبل وسائر المركوبات، فتكون المماثلة على هذا في أنه مركوب لا غير، والأول أظهر، لقوله: {وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ}، ولا يتصور هذا في المركوبات غير السفن {فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ} أي لا مغيث لهم ولا منفذ لهم من الغرق {إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا} قال الكسائي: نصب رحمة على الاستثناء كأنه قال: إلا أن نرحمهم، وقال الزجاج: نصب رحمة على المفعول من أجله كأنه قال: إلا لأجل رحمتنا إياهم {وَمَتَاعاً إلى حِينٍ} يعني آجالهم.

.تفسير الآيات (45- 46):

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45) وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (46)}
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتقوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ} الضمير لقريش، وجواب إذا محذوف تقديره: أعرضوا يدل عليه {إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ}، والمراد ب {مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ}: ذنوبهم المتقدّمة والمتأخرة، وقيل: {مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} عذاب الأمم المتقدمة، {وَمَا خَلْفَهُمْ} عذاب الآخرة.

.تفسير الآية رقم (47):

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (47)}
{قَالَ الذين كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمنوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ الله أَطْعَمَهُ} كان النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون يحضون على الصدقات وإطعام المساكين فيجيبهم الكفار بهذا الجواب، وفي معناه قولان: أحدهما أنهم قالوا كيف نطعم المساكين ولو شاء الله أن يطعمهم لأطعمهم، ومن حرمهم الله نحن نحرمهم، وهذا كقولهم: كن مع الله على المدبر، والآخر أن قولهم رد على المؤمنين، وذلك أن المؤمنين كانوا يقولون: إن الأمور كلها بيد الله، فكأن الكفار يقولون لهم: لو كان كما تزعمون لأطعم الله هؤلاء فما بالكم تطلبون إطعامهم منا، ومقصودهم في الوجهين احتجاج لبخلهم، ومنعهم الصدقات واستهزاء بمن حضهم على الصدقات {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} يحتمل أن يكون من بقية كلامهم خطاباً للمؤمنين، أون يكون من كلام الله خطاباً للكافرين.

.تفسير الآية رقم (48):

{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48)}
{وَيَقُولُونَ متى هَذَا الوعد} يعنون يوم القيامة أن نزول الأولى في الصور وهي نفخة الصعق.

.تفسير الآية رقم (49):

{مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49)}
{تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ} أي يتكلمون في أمروهم وأصل {يَخِصِّمُونَ} يختصمون، ثم آدغم، وقرئ بفتح الخاء وبكسرها واختلاس حركتها.

.تفسير الآية رقم (50):

{فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50)}
{فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً} أي لا يقدرون أن يوصوا بما لهم وما عليهم لسرعة الأمر {وَلاَ إلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} أي يستطيعون أن يرجعوا إلى منازلهم لسرعة الأمر.

.تفسير الآية رقم (51):

{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51)}
{وَنُفِخَ فِي الصور فَإِذَا هُم مِّنَ الأجداث إلى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ} هذه النفخة الثانية وهي نفخة القيام من القبور، والأجداث هي القبور، وينسلون يسرعون المشيء، وقيل: يخرجون.

.تفسير الآية رقم (52):

{قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)}
{قَالُواْ ياويلنا} الويل منادى أو مصدر {مَن بَعَثَنَا مِن} المرقد يحتمل أن يكون اسم مصدر أو اسم مكان، قال أبيّ بن كعب ومجاهد: إن البشر ينامون نومة قبل الحشر، قال ابن عطية هذا غير صحيح الإسناد، وإنما الوجه في معنى قولهم: {مِن مَّرْقَدِنَا}: أنها استعارة وتشبيه به يعني أن قبورهم شبهت بالمضاجع، لكونهم فيها على هيئة الرقاد، وإن لم يكن رقاد في الحقيقة {هَذَا مَا وَعَدَ الرحمن وَصَدَقَ المرسلون} هذا مبتدأ وما بعده خبر وقيل: إن هذا صفة لمرقدنا وما وعد الرحمن مبتدأ محذوف الخبر وهذا ضعيف، ويحتمل أن يكون هذا الكلام من بقية كلامهم، أو من كلام الله أو الملائكة أو المؤمنين يقولونها للكفار على وجه التقريع.

.تفسير الآية رقم (53):

{إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53)}
{إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً} يعني النفخة الثانية وهي نفخة القيام.

.تفسير الآيات (55- 58):

{إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57) سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)}
{إِنَّ أَصْحَابَ الجنة اليوم فِي شُغُلٍ} قرأ نافع وغيره {شُغُلٍ} بسكون الغين وقرأ عاصم وآخرون بضم الغين، عام في الاشتغال باللذات {فَاكِهُونَ} قرئ بالألف ومعناه أصحاب فاكهة، وبغير ألف وهو في الفكاهة بمعنى الراحة والسرور {فِي ظِلاَلٍ} جمع ظل، وبالضم جمع ظلة، {عَلَى الأرآئك} جمع أريكة وهي السرير {وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ} أي ما يتمنون، وقيل: معناه أن ما يدعومن به يأتيهم {سَلاَمٌ} مبتدأ، وقيل بدل مما يدعون {قَوْلاً} مصدر مؤكد، والمعنى: أن السلام عليهم قول من الله بواسطة الملك أو بغير واسطة.

.تفسير الآية رقم (59):

{وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59)}
{وامتازوا اليوم أَيُّهَا المجرمون} أي انفردوا عن المؤمنين، وكونوا على حدة.

.تفسير الآية رقم (62):

{وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62)}
{جِبِلاًّ كَثِيراً} الجِبِّل الامة العظيمة، وقال الضحاك: أقلها عشرة آلاف ولا نهاية لأكثرها، وقرأ عاصم ونافع {جِبِلاًّ} بكسر الجيم والباء وتشديد اللام، وبضمها مع التخفيف، وبضم الجيم وإسكان الباء، وهي لغات بمعنى واحد.

.تفسير الآية رقم (65):

{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65)}
{اليوم نَخْتِمُ على أَفْوَاهِهِمْ} أي نمنعهم من الكلام فتنطق أعضاؤهم يوم القيامة.

.تفسير الآية رقم (66):

{وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66)}
{وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا على أَعْيُنِهِمْ} هذا تهديد لقريش، والطمس على الأعين هو العمى، و{الصراط} الطريق و{أنى} استفهام يراد به النفي، فمعنى الآية لو نشاء لأعميناهم فلو راموا أن يمشوا على الطريق لم يبصروه، وقيل: يعني عمى البصائر أي: لو نشاء لختمنا على قلوبهم، فالطريق على هذا استعارة بمعنى الإيمان والخير.

.تفسير الآية رقم (67):

{وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67)}
{وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ} هذا تهديد بالمسخ، فقيل: معناه المسخ قردة وخنازير وحجارة، وقيل: معناه لو نشاء لجعلناهم مقعدين مبطولين لا يستطيعون تصرفاً، وقيل: إن هذا التهديد كله بما يكون يوم القيامة، والأظهر أنه في الدنيا {على مَكَانَتِهِمْ} المكانة المكان، والمعنى لو نشاء لمسخناهم مسخاً يقعدهم في مكانهم {فَمَا استطاعوا مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ} أي إذا مسخوا في مكانهم لو يقدروا أن يذهبوا ولا أن يرجعوا.

.تفسير الآية رقم (68):

{وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (68)}
{وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الخلق} أي نحول خلقته من القوة إلى الضعف، ومن الفهم إلى البله وشبه ذلك كما قال تعالى: {ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً} [الروم: 54] وإنما قصد بذكر ذلك هنا للاستدلال على قدرته تعالى على مسخ الكفار، كما قدر على تنكيس الإنسان إذا هرم.

.تفسير الآية رقم (69):

{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69)}
{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشعر وَمَا يَنبَغِي لَهُ} الضميران لمحمد صلى الله عليه وسلم، وذلك ردّ على الكفار في قولهم: إنه شاعر، وكان صلى الله عليه وسلم لا ينظم الشعر ولا يزنه، وإذا ذكر بيت شعر كسر وزنه، فإن قيل: قد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
***«أنا النبي لا كذب ** أنا ابن عبد المطلب»
وروي أيضاً عنه صلى الله عليه وسلم:
***«هل أنت إلا أصبع دميت ** وفي سبيل الله ما لقيت»
وهذا الكلام على وزن الشعر فالجواب أنه ليس بشعر، وأنه لم يقصد به الشعر، وإنما جاء موزوناً بالاتفاق لا بالقصد، فهو كالكلام المنثور، ومثل هذا يقال في مثل ما جاء في القرآن من الكلام الموزون، ويقتضي قوله: {وَمَا يَنبَغِي لَهُ} تنزيه النبي صلى الله عليه وسلم عن الشعر لما فيه من الأباطيل وإفراط التجاوز، حتى يقال: إن الشعر أطيبه أكذبه، وليس كل الشعر كذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم: «إن من الشعر لحكمة» وقد أكثر الناس في ذم الشعر ومدحه، وإنما الانصاف قول الشافعي الشعر كلام والكلام منه حسن ومنه قبيح {إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ} الضمير للقرآن يعني أنه ذكر الله أو تذكير للناس أو شرفه لهم.